الدكتور موسى علاية: نجاح دعم المانحين مرهون بالاستفادة من الأخطاء السابقة ورفع القدرة المؤسسة لاستغلال التعهدات

> ثقافة الشخصنة قتلت الإبداع لدى المستويات الوظيفية وحولت القادر على الإنتاج إلى مستهلك ينتظر ما يُمْلَى عليه من قاداته الإداريين
> مشكلة الإدارة تكمن في تهميش العمل المؤسسي العام والخاص والتعاطي الإداري وفق عوامل شللية سياسية وقبلية وعسكرية
> القروض استنزاف للمستقبل إذا لم تُحَقّق أهدافها التنموية بدقة ووفق المعيار الزمني
> على الدولة تحمل مسئوليتها التنموية والتوقف عن القروض ذات الأبعاد الربحية الكارثية والصرامة الإدارية في توظيف المساعدات الانسانية
ادارياً، ومؤسساتياً .. بين اليمن وبعض دول العالم مسافة لا تحسب بالحقب بل بالقرون . فغياب رئيس الوزير اليمني كفيل بغياب معظم – إن لم نقل – كل الوزراء عن وزراتهم، وحضوره لمجرد فعالية ما يعني حضور كل الوزراء.. وغياب الوزير اليمني يعني تجميد كل معاملات أعمال الوزارة وذهاب معظم طاقم الوزارة إلا من استوقفه داعي الضمير.. فما بالنا لو أقيلت الحكومة.. نقيض ذلك أن بلجيكا قضت حوالي سنة وستة أشهر من دون حكومة.. وهولندا الآن تعمل بدون حكومة.. فيما العمل الإداري قائم في كل مساراته الخدمية والإنتاجية.. والسؤال هو أين الفارق بين اليمن وتلك الدول.. الباحث في التنمية الدولية موسى علاية الذي شارف الآن على تحضير الدكتوراه في مجال التنمية الدولية (المشاريع الدولية في اليمن .. التحديات وأسباب النجاح والفشل) من «جامعة ليدن» بهولندا.. يؤكد إن الفارق يكمن في كون بلجيكا وهولندا دول مؤسساتية، كل موظف حيث كان موقعه يعرف مسؤولياته ويعمل وفق احترام عامل الزمن والمهنية وليس وفق الولاءات الإدارية لشخص أو جهة معينة إن غاب معها العمل.. خلصنا إلى هذه المعادلة في حوار صحفي معه خص به (الثورة) مستعرضين – نقاشاً – رؤيته التقييمية لسير البرامج الانمائية والمشاريع الدولية في اليمن، متطرقين إلى أسئلة محورية حول كيف تم التخطيط لهذه البرامج والمشاريع، وهل انعكست ضمن الخطة التنموية للدولة أو انها فقط برامج تخطط وتنفذ وفقا لتوجهات عشوائية قد تضر البلد أكثر من الاستفادة منها ومستقبل اليمن في ضوء القروض الدولية الربحية، وآليات الاستفادة من هذه القروض دون تراكم الدين الخارجي.. وأسئلة أخرى حول معضلات الادارة وانعكاسها على التنمية بصفة عامة…… إلى تفاصيل الحوار.
> في البدء دكتور موسى من خلال خبرتك وتتبعك العلمي التقييمي للمشاريع ذات الصلة بالتنمية الدولية في اليمن.. هلاَّ شخَّصت لنا واقع المشاريع الانمائية الخارجية في اليمن ؟
- في البداية أرحب بصحيفة الثورة شاكراً دورها في طرح ومناقشة القضايا المجتمعية والتنموية.. وإجابة على سؤالكم أود الإشارة إلى أن طبيعة المشاريع والبرامج الانمائية أو بالتحديد المشاريع الدولية في اليمن.. تعاني من مشاكل وتحدياتها تعيق مراحل تنفيذها المتعددة ابتداءً من مرحلة التخطيط والإعداد التنفيذي وانتهاءً بمرحلة التسليم للمشروع والاستدامة بتلك المشاريع التنموية القائمة على المصادر الخارجية تمويلياً.. خصوصاً إذا ما علمنا أن نحو 95٪ من إجمالي المشاريع الاستثمارية والتنموية تمويلاتها خارجية.. بين مساعدات وقروض، بينما 5٪فقط يعتمد على الدخل القومي للبلد.. وفي المقابل نود الإشارة إن 95٪من الموازنة في اليمن هي تذهب نفقات جارية التي هي معاشات وغيره..
ورغم هذه الأرقام إلا إن واقع معظم هذه المشاريع لم يزل متعثراً ولم يلمس في الجانب التنموي والبنيوي لقطاعات البلد التي نسمع عنها بين الحين والآخر مشمولة في إطار القروض والمساعدات والمنح الدولية..
> تحديداً أين تكمن مشكلة التعثر ؟
- يمكن القول: بأن مشكلة توجيه وتصميم المشاريع والبرامج الإنمائية الخارجية تُعد القضية المحورية المُفسرة لعدم فاعلية هذه البرامج وهذه المشاريع في اليمن.. كما إن هذه المشاريع تعاني منعدم الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل التي قد يكون لها آثار غير متوقعة عند توجيه وتصميم مشاريع المعونات الخارجية.. خصوصاً إذا كان لدينا برامج تنموية غير مستوحاة من الحاجات الأساسية والفعلية للمجتمع، ولم تُبْنَ على أساس المعرفة والحقائق الاقتصادية والاجتماعية الواقعية للمجتمع اليمني وبالتالي لن تحقق فاعليتها..
كما أن هناك عدم توافر للمعلومات النوعية وعدَم التعلُّم من البرامج الفاشلة التي تم تنفيذها سابقاً، والتي يرجع المختصون أسبابها إلى السياسة الداخلية والبيروقراطية داخل المنظمات المانحة نفسها والمؤسسات المستفيدة.. مـع أن عملية تقييم المشاريع الإنمائية لها أهداف عديدة : تستخدم لترشيد المنظمات المانحة في عملية صنع القـرار، وتحديد مستوى تنفيذ المشروع ومدى تحقيق الأهداف وإبراز جوانب القصور والانحرافات، واستخلاص الدروس من أجل الاستفادة في المستقبل، وتوفير إطار عام للحوار مع المستفيدين يكفل تحسين الأداء.. كما أن اليمن ممثلة بأجهزة الدولة ومؤسساتها المنوط بها التعامل مع تلك البرامج لم تدرك بعد أن الدول والجهات المانحة تعتمد على سياسية واحدة وهي زيادة حجم المساعدات إلى البلدان التي تثبت فيها فاعلية أكثر للمساعدات الخارجية..
> – مقاطعاً – هذا بالنسبة لإشكالات رسم السياسات التوجيهية للبرامج الانمائية بصفة عامة.. ما هو معضل تأخر اليمن تنموياً واستنزاف مخصصات هذه البرامج دون الاستفادة منها ؟
- المعضل الحقيقي هو البعد المادي الربحي ليس من قبل المانح بل من قبل الوسيط الخارجي بين المانح وبين المنفذ في الداخل.. بحيث إن معظم الأشخاص أو المستقبلين الرئيسيين لتكلفة المشاريع الدولية.. فالجانب المانح – هولندا مثلاً- عندما يأتي إليك، يأتي عبر جهة أو مقاول من بلده أولاً، ويسمى مقاول من الباطن يتعامل مع الجهة الرسمية المانحة كأن أن تكون وزارة الخارجية الهولندية – مثلا – التي هي المانح الرئيسي أو المسئول المباشر في عملية المنح.. فمثلا تعلن وزارة الخارجية إن لديها خمس مئة مليون يورو هذه مساعدات لـ(20) دولة نامية، وتريد مؤسسة تقوم بتنفيذ هذا البرنامج المساعداتي الذي يهدف إلى (1، 2، 3، 4) وغيرها من الأهداف التي تحددها الوزارة.. فتتقدم مجموعة من المنظمات الهولندية وواحدة من المنظمات تفـوز في الحصول على حق التنفيذ، بعد ذلك تقوم هذه المنظمات بتوزيع هذه المنح على هذه الدول العشرين ومنها اليمن وعن طريق مقاولين من الباطن – محليا- هؤلاء يسعون إلى الربح، وعلى اعتبار أن هذه المبالغ كبيرة جداً، فيتفاوض المقاول اليمني مع المقاول الهولندي على أساس إن هذا هو المانح الرئيسي.. ولا يعرف إنه مقاول أيضاً يسعى إلى الربح.. وبناء على هذه الصورة النمطية لدي الجانب اليمن يركز على مسألة إن الجانب الهولندي يعطي تذاكر سفر يعطي سيارات وتسهيلات دون أن يعلموا ان ذلك من على حساب المبالغ الممنوحة من المانح الرئيسي.. فيقتنع الجانب اليمني على التوقيع على نسبة ضئيلة قد تصل إلى 50٪ من المبلغ المحدد والهبات والتسهيلات.. وتلخيصاً لهذه المُعضلة فالجانب اليمني ليس لديهم قدرة في التحاور والتفاوض مع الجانب الخارجي.. وليس لديهم رؤية كيف يكون المشروع ؟ كيف نحقق أهداف المشروع وبالتالي يتم التعامل مع تنفيذ المشروع على أساس الأهداف الواسعة والهلامية وغير الواضحة تستنزف المبالغ قبل اكتمال الأهداف..
> هـل ثمة مشاريع أو قصص نجاح لمشاريع دوليــة في اليمن ومن خلال دراستكم في هذا المجال هل ثمة مؤشرات ونسب تقريبية عن النجاح والفشل في هذا المضمار؟
- هناك بعض المشاريع الدولية الناجحة في اليمن.. لديك مركز تطوير إدارة الأعمال بكلية التجارة جامعة صنعاء الذي يعد من المشاريع الرائدة والهادفة للتنمية المعرفية والعلمية للكوادر الإدارية اليمنية في القطاع العام والخاص.. وبما يكفل تأهيل كم كبير من الكادر الإداري لقيادات أجهزة الدولة والقطاع الخاص ابتداء من مدراء عموم فما فوق وكلاء وزراء محافظين.. ورغم ما يعاني من غياب أساس استراتيجي يُناط به اختيار الطلاب وفقا لخطة.. وأسباب نجاحه ترتبط بكفاءات كانت فاهمة للوضع ومتطلبات التطوير الإداري وما تحتاجه البلد خصوصاً القطاع الخاص ورجال الأعمال في بادئ الأمر.. ولأن القائم عليه من البداية لم يكن رجل أعمال فحسب بل وفي نفس الوقت أكاديمي وإداري وهو الدكتور «صائب سلام» وهو الذي كان لديه طموح ورغبة كبيرة في تنفيذ المشروع وبدأه لكي يفيد مشروعات إدارية مختلفة هو جزء منها.. ومن ثم أتت قيادة شابة للمركز ممثله بالدكتور احمد بن مبارك والذي كان له دور محوري في استمرارية المركز لتؤديه رسالته بفاعلية كبيرة.
وهناك مشاريع أخرى مثل المشاريع المنفذة عبر الصندوق الاجتماعي للتنمية ومشروع الطرق والجسور وغيرها، لكن الفشل والقصور وهو الغالبْ في أن مثل هذه الصناديق تهتم فقط بجوانب (الهاردوير) أو المباني والطرق وغيرها ولم يشمل مجال العمل تنمية (السوفتوير) أو جوانب التنمية البشرية والتي تعد المرتكز الأساسي لعملية التنمية بكل جوانبها المختلفة في أي دولة أو مجتمع.. ممكن القول أن ما يتجاوز نسبة 85٪ من المشاريع لم تنجح في تحقيق أهدافها أو البعض منها نجَحَ جزئيا خلال الـ((20 السنة الماضية.
مساعدتهم وإنتاجنا
> يرى الخبراء السياسيون والاقتصاديون.. إن المساعدات عامل مثبط وتعطيل لمقدرات الاعتماد الذاتي لدى المجتمع والقضاء تدريجياً على طاقاته الإنتاجية.. بل يدعو بعضهم إلى تحريم المساعدات الخارجية إلا ما يصب في الجوانب المعرفية.. ما هو رأيكم في هـذه الرؤى؟
- هذه الرؤى ترتكز على جانبٍ من نظرية المؤامرة -إن جاز التعبير- حيث الدراسات القائمة في هذا المضمار تؤكد على أن أنشطة المساعدات الخارجية في الدول الفقيرة تؤدي إلى إلحاق الضرر بهذه الدول الفقيرة وليس المساعدة وبالتالي يجب أن تتوقف برامج المساعدات الدولية لتجنب إلحاق الأذى في الدول الفقيرة.. الخلاصة من هذا المنظور على أن برامج المساعدات الدولية لا يمكن أن تحقق فاعلية في ظل بيئة سياسية وإدارية سيئة (تعاني منها معظم الدول النامية( وعدم وجود الحكم الجيد في هذه الدول.
بالرغم من أني اتفق مع هذا التفسير إلا أني أؤكد على أن هذه البرامج ستعمل بالتأكيد وتحقق فاعلية حتى في ظل وجود بيئة فاسدة وحكم غير جيد في الدول النامية. ومن الصحيح أيضا أن برامج المساعدات الخارجية هي اهتمام نبيل، وحسن من الدول الغنية لمساعدة الناس الأكثر حرمانا في الدول الفقيرة وتوقف هذه البرامج لا يمثل الحل الأمثل. ولكن لابد من حث العاملين والقائمين في رسم سياسات التنمية في المستويات العليا لصنع القرار وهؤلاء الذين ينفذون هذه السياسات سواء كان المانح أو المستقبل لهذه المنح أن يتلمسوا الواقع الحقيقي، وأن يمتلكوا المعرفة المحلية والاحتياجات التنموية الملحة في الدول المستقبلة للمنح..
وهناك عامل يؤثر سلباً تحقيق أهداف هذه المنح، هو عدم فهم طبيعة البيئة المحلية التي تحدث التغيرات فيها، فإننا لا نستطيع تقدير المشاكل المحلية بفعالية.. وفي النهاية يتضح إن اعتماد أيّ نموذج تنمويّ في هذا الصدد قد يٌظهر بأننا نُساعد في حل مشاكل هذا المجتمع.. لكننا قد نكتشف فيما بعد بأن هذا النهج بعيدا عن الواقع، لأنه لم يتبين بعد وجهات نظر المجتمعات المحلية وتقديرها للمشاكل، أولم يعكس المشاكل الحقيقية للمجتمع والآليات الفعالة للتعامل معها، خصوصا أن مشاكل التنمية قد يُنظر إليها من منظورات وتقديرات مُختلفة، لذلك فمعظم برامج المساعدات الإنمائية قد لا تتناسب بالضرورة مع المهام التي استهدفتها..
أصدقاء اليمن
> كيف تقيمون ما تقدُّمه مجموعة أصدقاء اليمن عبر مؤتمرات المناحين.. ؟ وهل استغلت اليمن النزر البسيط من هذه المنح؟
مؤتمرات أصدقاء اليمن هامة جداً وخصوصاً في سدِّ الفجوة التمويلية للمشاريع الاستثمارية باليمن وأيضا في دعم جهود إعادة الاستقرار والسكينة العامة في الوطن. ولكن لابد من وجود آلية وإدارة فاعلة للبرامج المنبثقة عن مثل هذا الدعم الدولي , وفي المقابل يجب على الدول المانحة الالتزام بدفع التعهدات المالية المعلنة والتي سوف تعلن. بالنسبة للاستغلال الأمثل يمكن القول انه خلال العقدين الماضيين عُقدت العديد من المؤتمرات الدولية من أجل دعم العملية التنموية في اليمن، منها مؤتمر الرياض2012م، وقبلها مؤتمر لندن 2010م، وأيضاً مؤتمر لندن 2006م، وصلت تعهدات المانحين نحو (5.7) مليار دولار، ومؤتمر باريس 2002م نحو (2.3) مليار دولار، وقبل ذلك مؤتمر بروكسل 1997م الذي حصلت اليمن فيه على (1.8) مليار دولار، وقبله مؤتمر لاهاي 1996م حيث حصلت اليمن على (500) مليون دولار، شارك في هذه المؤتمرات العديد من الجهات المانحة المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي، الأمم المتحدة، المفوضية الأوروبية، الصناديق العربية الإقليمية «الصندوق العربي، البنك الإسلامي، أوبك إلخ «) وعلى الصعيد الثنائي مثل ألمانيا، هولندا، الولايات المتحدة، المملكة العربية السعودية وغيرها من دول الخليج العربي، ومؤخرا المملكة المتحدة(.. وقد بلغ إجمالي التعهدات في شكل معونات، ومنح، وهبات، وقروض ميسرة خلال هذه المؤتمرات ما يقارب 13 مليار دولار.. وأخفقت سياسات هذه التعهدات لأن هناك قصوراً كبيراً جدا في هذا الجانب.. فعلى سبيل المثال لم يتم استغلال سوى 15٪ من إجمالي تعهدات مؤتمر لندن 2006م حتى اليوم.. وبالتالي أؤكد إن مدى نجاح وفشل المؤتمرات والحشد الدولي مرهون بالقدرة الاستيعابية للحكومة اليمنية .. فيما نجاح المساعدات الراهنة والمستقبلية لليمن يرتبط بمستوى الاستفادة من الأخطاء السابقة ومحاولة خلق آلية مناسبة ورفع القدرة المؤسسية لدى الجهات التخطيطية لضمان الاستخدام الأمثل لمثل هذه التعهدات بما يخدم عملية التنمية الشاملة في البلد.
استنزاف المستقبل
> يرى الكثير من المحليين أن القروض التي تحصل عليها اليمن ليست سوى عميلة استنزاف لمستقبل أجيالنا القادمة.. ما هو تفنيدكم لهذه الرؤى؟
- صحيح ما ذهب إليه رجال الاقتصاد والمحللون، فالقروض تعد مشكلة كبيرة جدا وخصوصا لدى الدول التي تفتقر إلى الإدارة الفاعلة في توظيف القروض تنموياً. وبالنسبة لليمن القروض الخارجية صارت هماً كبيراً يثقل كاهل البلد ومقدراته الاقتصادية.. ومن الواضح أن القدرة الاستيعابية للمنح والقروض قد تكون متقاربة لأن نفس المؤسسات هي التي تتعامل مع مثل هذه البرامج.. المشكلة الأهم أن بعض القروض تُطلَبْ بدون رؤية تنموية، وتُحدد الفوائد وفق متطلبات وشروط الجهات الممولة أو المُقْرِضَة والنتيجة هو عدم استلام الحكومة للقرض وفي نفس الوقت يتم دفع فوائده المرتبطة بعامل الزمن. ويكمن جوهر هذه المشكلة في غياب آلية تُحَدّد معطيات واشتراطات الاقتراض وجدواه وغياب ربط الحاجة للقرض بنهج إداري تنموي صارم ينتصر على عامل الزمن من جهة ليحقق نمواً ناجزاً يعوض خسائر الخزينة المدفوعة فوائداً لتلك القروض.
> برأيكم ما الحيلولة من هذا الخطر المستقبلي؟
- ببساطة.. الحل هو أن تتحمل الدولة مسئولية التنمية وأن يواجه المجتمع حقائق واقعه ومشاكله ذاتياً، والتوقف عن القروض ذات الأبعاد الربحية الكارثية.. والصرامة الإدارية في توظيف المساعدات الانسانية في مسارات التنمية بشكل صحيح.. وتفعيل موارد البلد الوفيرة المتمثلة في الزراعة والأسماك والمشاريع الصغيرة وكبح معوقات الاستثمار..
معضلة التنمية
> يرى الكثيرون إن مشكلة اليمن التنموية إدارية في المقام الأول.. فأين يكمن جوهر الإدارة في اليمــن؟ ولماذا فشل اليمنيون ؟
- مُعْضلات الإدارة في اليمن يتطلب من عشر إلى مئة رسالة بحثية.. لكن ببساطة لدينا في اليمن تخبط كبير لا توجد رؤية، فهناك تداخلات في الاختصاصات.. بينما النظام الغير رسمي يشتغل بشكل كبير وفقاً لعوامل عديدة سياسية مناطقية قبلية وعسكرية وغيرها فهناك غياب لاحترام كيان العمل المؤسسي العام والخاص، وشللية الكوادر الوظيفية تغزو كل مفاصل مؤسسات الدولة.. فهذه مشكلة الإدارة في اليمن .
وبالتالي عندما نتحدث عن دولة مؤسسات نحن نتحدث عن منظومة إدارية تعمل بانتظام في مسارات مختلفة عليا دنيا وسطى تتغلب فيها ثقافة احترام كل تخصص .. وفقاً لمعاير لا تخضع لثقافة الشخصنة التي أنهكت وقتلت عامل الإبداع لدى المستويات الوظيفية، وحولت المبدع القادر على الإنتاج من مبدع منتج إلى عاطل مستهلك ومنتظر لما يُمْلَى عليه من قياداته التي حصرت المؤسسات في شخصيات هؤلاء القيادات.. وبهذا تم تعطيل مسارات العمل الإداري المعول عليه تسيير دفة التنمية في كل مفاصل العمل المؤسسي كلٌ في اختصاصه.. بعض دول العالم تستمر لسنوات بدون حكومات والعمل الإداري قائم في كل مساراته الخدمية والإنتاجية لأنها دول مؤسسات كل شخص يعرف مسؤولياته ويعمل وفق احترام عامل الزمن والمهنية وليس الشخوص.. ومؤسسات ووحدات تعرف عملها.. بلجيكا عمل حوالي سنة وستة أشهر من دون حكومة.. هولندا الآن تعمل بدون حكومة..
أخيراً
> وكيف تلمسون سمعة اليمن في محيط وجودكم الخارجي ؟
- معظم البرامج التنموية الخارجية في اليمن توقفت تماما على العمل وجمدت معظم الدول المانحة مساعداتها التنموية لليمن والبعض استمر في تقديم المساعدات الإنسانية الملحة.. وبالتالي يمكن القول على أن البرنامج الاستثماري للحكومة اليمنية توقف تماما عن العمل. تأثير هذه الأحداث فعلا أدت إلى اختلالات عديدة في معظم النواحي سواء كانت السياسية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية وأيضا فجوة نفسية كبيرة بين مختلف مكونات المجتمع.
أما سمعة اليمن في محيط تواجدنا في الخارج أو المهجر في المحافل الدولية للحقيقة ليست على ما يرام فتذكر على إنها دولة فاشلة منذ فترة طويلة.. فهناك تأثير كبير من الداخل.. وكثير من الخبراء غير قادرين للسفر لليمن فقد أصبح اليمن مرتبطاً بالإرهـاب.
– صحيفة الثورة